رواية عشتار وجلجامش
الحياة لابد أن سر الحياة واحد فهي لم تقل من أسرار الحياة بل قالت سر
مالشيء الذي لانستطيع العيش بدونه هل هو الهواء!!.. قد يكون كذلك لكن الأسماك لاتتنفس إذا هو الماء.. لا شك هو الماء أكيييد الماء هو سر الحياة لايوجد شيء باستطاعته العيش دون ماء
حسنا
سأعيد صياغة الأحجية
من جديد
ماتقول في شيء نصفه أكبر منه
ذاك الشيء يحتاج الماء لكي يعيش
احتار جلجامش فقد غدا اللغز اصعب من ذي قبل لاسيما أن الوقت غدا يمضي بسرعة أيضا
كان السكون مهيمنا عدا صوت الأمواج ونعيق بعض الغربان مما أعطى المكان طابعا شؤم
أخذ جلجامش يتأمل هيڤيا التي بدت شجرة شاحبة وعجوز
مع أنها لازالت على قيد الحياة إلا أنها لاحياة فيها هل هي بحاجة للماء.. كيف ذلك وهي بجانب البحر
مالذي يمنع وصول الماء للأشجار وحجمه كبير.. عرفته إنه السد فالسد وظيفته حجز الماء وحپسه وهو أكبر من الشجرة لكن كيف يكون نصفها امممم قد يكون الجواب لغويا ترى هل تلعب هيڤيا بالكلمات والأسماء
نظر جلجامش لهيڤيا بمكر وقال_ طقسوس.. لقد توصلت لحل أحجيتك
هيڤيا_ لديك محاولة واحدة إن خسرتها خسړت حياتك وحياة زوجتك
جلجامش_ وإن كان جوابي منطقيا
هيڤيا_ هات ماعندك وسأرى
كانت عشتار تراقب بانتباه شديد وقلق
لم تتمالك عشتار نفسها فصاحت_ كيف ذلك!!
جلجامش_ نصف كلمة سدرة هو سد وهو أكبر من السدرة ويمنع سر الحياة ألا وهو الماء عنها
عم سكون غامض تبعته ضحكة مخيفة من هيڤيا
هيفيا_ لقد تمكنت من حل اللغز الذي عجز عنه الكثير
جلجامش_ إذن عليك إعطائي المطاط الآن
فرحت عشتار لأول مرة تجتاز شيئا بسهولة دون قتال أو إراقة دماء لكن فرحتها لم تدم طويلا
جلجامش_ بقلق_ هاه.. كيف ذلك
هيفيا_ ألا تراني شاحبة يابسة كيف بإستطاعتي إنتاج مطاط لك أو لغيرك فالسد يمنع الماء عني
جلجامش_ أي سد وأنت بجانب البحر
هيفيا_ ماشربت من هذا البحر إلا وازددت عطشا فماء البحر مالح
عشتار_ وأين يوجد هذا السد علنا نستطيع حل المشكلة
هيفيا_ لاعلم لي فجذوري هي من تتجه نحوه وليس أنا
هيفيا_ تستطيعون الولوج داخل جذوري فهي مجوفة كجحور كبيرة عليك أن تبحث عن السد وتجده ثم تثقبه ثقبا صغيرا حتى يتسنى لي شرب قليل منه
نظر جلجامش لعشتار التي قالت_ حسنا لنذهب
جلجامش مستغربا من عشتار_ ستدخلين داخل جذور شجرة
عشتار_ هل لديك حل آخر
جلجامش_ لايوجد سد قريب من هنا أنا أعرف هذه المنطقة
عشتار_ إذن علينا أن نقتفي أثر امتداد جذورها لنصل للسد
نظر جلجامش في عين عشتار_ ثم قال حسنا هيا بنا
دخل كل من جلجامش وعشتار في جوف الشجرة متجهين للأسفل داخل جذورها
كان المكان مضيئا بنور أحمر خاڤت لاتعلم أين مصدره تماما كالنور الذي رأته عشتار حين دخلت شجرة التفاح متجهة لأرض الجن مشا الاثنان عبر هذه الجذور الكبيرة والمتسعة
جلجامش_ هل عرفتي حل الأحجية قبلي
ابتسمت عشتار_ لا طبعا على العكس لقد تفاجأت من حلك وحتى الآن لم اقتنع به لكنه أفرحني
جلجامش_ إذن لماذا كنت تبتسمين كمن يعرف الجواب
ضحكت عشتار_ أردت إثارة حماستك فأنت زوجي وأنا أعرفك جيدا حتى احفزك لحل الأحجية علي إيهامك أنني توصلت لحلها قبلك فاثير طبع التحدي فيك وتعتقد أن الحل سهل وممكن ولا تيأس من المحاولة والتفكير
جلجامش_ يالك من مخادعة شريرة كلما مامتدت بنا السنون اكتشف فيك أشياء جديدة
عشتار_ أنا لست جنية على الأقل لاتخف لن تكتشف أنني لست بإنسية بعد أن أنجبنا ابنتان كما فعلت معي
ضحك جلجامش وأردف_ دهائك يعادل دهاء نساء الجن كلهم ولو اجتمعوا لكن لماذا لم تقتنعي بجوابي
عشتار_ لاأدري هو منطقي نوعا ما لكن أحسست أن هيفيا تريد إدخالنا داخل جذورها بأي طريقة
جلجامش_ كان بمقدورها أن تطلب منا إيجاد السد منذ البداية دون الحاجة لطرح مثل تلك الأحجية
عشتار_ علها أرادت معرفة مدى جديتنا في الحصول على المطاط.. أرجو أن لا نكون قد خدعنا
جلجامش_ لاتقلقي سنحصل على المطاط في أسرع وقت ممكن
مشى الاثنان لمدة ثلاث ساعات وكلما مشوا قليلا يصلون لمفترقات طرق كثيرة وكبيرة حتى أحست عشتار بالدوار
عشتار بقلق_ أصبت بدوار في رأسي أرجو أن لانكون ندور في نفس المكان فممرات الجذور تتشابه
جلجامش مشيرا أمامه_ ماهذا الشيء
نظرت عشتار أمامها وكانت المفاجأة
رجل عجوز ملتصق في جدار الممر وممتزج به وجهه شاحب ويشبه لحاء الشجر وشعره أبيض كأوراق شجرة يابسة وبيضاء والديدان ممتلئة في جميع أنحاء جسمه
نظرت عشتار پخوف والتصقت بجلجامش قائلة_ هل هو مېت
لكنه فتح عيناها الشاحبتان الحمراوتان ونظر لهم بأسى شديد
صړخت عشتار من الخۏف واختبأت وراء جلجامش
جلجامش_ ما أنت ياهذا
أسند ذلك المسخ رأسها للجدار ونظر لجلجامش مرة أخرى وهو يضحك_ لقد خدعتكم طقسوس
كان بصوته بحة شديدة بالكاد صوته يسمع من جفاف الهواء الذي يخرج من فمه
أردف قائلا_ أدعى جاور
تفاجأ جلجامش_ جاور.. الملك جاور لقد سمعت عنك كثيرا لقد اختفيت منذ حوالي ثلاثمئة سنة ومازل أفراد قبيلتك وعائلتك يبحثون عنك
أجاب جاور بأسى_ مئتان وسبع وثمانون سنة وثلاثة أشهر ويومان
جلجامش_ هل أنت سجين هنا
جاور_ قدمت لطقسوس للحصول على قليل من المطاط فأخبرتني أن علي البحث عن السد وأثقبه ليتسنى لها الحصول على الماء العذب وصنع مطاط لي
جلجامش_ وهل وجدته
جاور_ هذه الجذور عبارة عن متاهة لقد قضيت مئتان وثلاثون سنة أبحث عن طريق الخروج ولم أجده ولم أجد أي سد ولم استطع حتى العودة لطقسوس لكنني استطعت الحصول على المطاط فقد تمكنت مرة من الوصول لمركز هذه الشجرة النحس واخذت قليلا من مطاطها
اڼهارت عشتار باكية_ قد كان ظني في محله لقد خدعتنا طقسوس
جلجامش_ وما ألصقك بجدار جذورها
جاور_ كنت كل يوم حين استيقظ من النوم أجد نفسي ملتصقا بجذورها وأقوم بانتزاع نفسي إلى أن خارت قواي واستسلمت ونبتت جذورها الآن داخل حول جسدي الضعيف وأضحيت جزء منها تمتص حياتي شيئا فشيئا لتعذبني إن حاولت الهروب أو التخلص منها تبث سمها في جسدي ولم يعد لي قوة أصلا لأحاول
جلجامش_ هل نستطيع مساعدتك
ضحك جاور_ تستطيع إن التصقت بي ستحيط الجذور بك وتتركني وسأتخلص منها لكنك لن تفعل ذلك ههجرعة ماء عذب ستدخل السرور في قلبي إن كان لديكم قليل منه
انتزعت عشتار القربة المربوطة في خصرها واعطتها لجلجامش لكن جلجامش أعادها وقال هامسا_ يجب أن نحافظ على كمية الماء القليلة التي بحوزتنا لانعلم كم سنبقى هنا
نظرت إليه عشتار بحزن وقالت_ إلا الماء لا تمنعه عن أحد حتى وإن كان عدوك خصوصا وإن كان عطشانا فالعطش ېحرق الفؤاد ويحزن القلب لافرق بيننا وبينه الآن نحن سواء
جاور_ استطيع مقايضة شربة ماء عذب بالمطاط إن أردت فلافائدة ترجى منه الآن بالنسبة لي
جلجامش بحماس_ نعم هو كذلك
جاور_ أترى الخرقة المرمية أسفل قدمي بها كمية لابأس بها من المطاط خذها واسقني قليلا من الماء
تناول جلجامش الخرقة وتأكد من وجود المطاط داخلها ثم سقى جاور رشقة من الماء كادت روحه أن تخرج من تلذذه بها أغمض عيناه مسندا رأسه للجدار بسلام وسكون وأخذ يأن بشوق
استغرب جلجامش وقال_ ألا تريد رشفة أخرى لابد أنك عطشان جدا
جاور_ لبثت هنا قرابة ثلاثمئة سنة لو شربت نهرا جاري فلن يرويني ولكن كما قلت لك أردت أن يبتهج قلبي بشربة من الماء العذب فقط لأتذكر مدى النعمة التي كنت فيها علاوة على ذلك فمكوثي هنا طوال هذه السنين علمني أن لا أطلب شيئا من أحد غير إله السماء فمنذ البداية كان سؤالي لطقسوس هو سبب سجني في هذه المتاهة ناهيك أنكما ستحتجان لهذا الماء إلى أن تتعودوا على المكوث هنا وتستسلموا أيضا لا أريد إحباطكم لكن في الثلاثمئة سنة الماضية لم تبقى أي محاولة لم أفعلها للخروج من هنا
عشتار_ كيف استطعت البقاء حيا طوال هذه السنين
جاور_ كما قلت التصاقي بجذور طقسوس يعذبني فهي تمدني بطاقة كفيلة بإبقائي حيا فقط لا أقل ولا أكثر عبر مسامات جلدي ألا تريني غدوت وكأني جزء منها
عشتار_ حين نخرج من هنا سأعطيك هذه القربة هدية
جاور_ هه حين تخرجين ها هههه لن تخرجي من هنا أبدا لقد حاولت وبحثت مئتان وثلاثون سنة لم يبقى حل إلا وجربته لكني سأقبل هديتك لاشك
عشتار_ إذن قل لي هل حاولت إشعال ڼارا وإحراقها
جاور_ حاولت لكن لافائدة فالجذور رطبة لاتشتعل
جلجامش_ هل حاولت ثقب جذورها وحفر التراب حتى تصل لسطح الأرض
جاور_ جذورها مطاطية لاتثقب ياهذا أنسيت أنك داخل طقسوس
عشتار_ في بحثك عن طريق الخروج هل وصلت لنهايات مسدودة
جاور_ نعم فكل جذر لابد له من نهاية
عشتار_ حسنا هل توجد نهايات جذور للأعلى
جاور_ اممم معظمها متجه للأسفل لكن توجد بعضها متجهة للأعلى على ما أظن
عشتار_ هذا ما أحتاجه شكرا جزيلا
عشتار بثقة_ جلجامش هيا بنا
جلجماش باستغراب_ إلى أين ماذا يجول في عقلك
لدي خطة محكمة لكن علينا منذ الآن أن نحفظ طريقنا جيدا
احملني وطر بي للأمام إلى أن نصل لنهاية أي جذر علينا أن نصل لجذر نهايته للاعلى وعليك أتخاذ أقصى اليمين دائما
جلجامش_ حسنا لاضير من المحاولة
حمل جلجامش عشتار وطار بها مسرعا كما طلبت إلى أن وصلوا لنهاية جذر لكنه للأسف كان متجها للأسفل
جلجامش بغضب_ إنه متجه للأسفل
عشتار_ عد بي لنقطة بدايتنا حيث جاور هناك علينا أن نحفظ هذه النقطة كي لا نضيع فهو العلامة الفارقة بين كل هذه الجذور والممرات
بسرعة حمل جلجامش عشتار وطار بها داخل جذور طقسوس المجوفة متخذا ذات الطريق إلى أن وصلوا لجاور مرة أخرى
عشتار_ الآن علينا تكرار المحاولة باتخاذ أقصى اليسار
حمل جلماش عشتار وطار بها مرة أخرى كان جلجامش سريعا جدا لكنهم وصلوا لنهاية سفلى مرة أخرى وقاموا بتكرار محاولاتهم لساعتين متواصلتين إلى أن وصلوا أخيرا لنهاية جذر متجه للاعلى
جلجامش بفرح_ وصلنا أخيرا لغايتك المنشودة ماهي خطتك
عشتار_ سأجرب شيئا وسينجح أنا متأكدة من ذلك
اقتربت عشتار من نهاية الجذر ووضعت اصبعها داخل القربة حتى ابتل ثم مسحت نهاية الجذر به وكانت المفاجأة أن امتد ذلك الجذر للامام ظنا منه أنه وصل للماء
جلجامش_ يالك من ذكية ياحبيبتي سنتجه لسطح الارض لاشك
عشتار بأمل_ اتمنى ذلك عليك محاولة توسيع الجذر